تأملات في شموع المِحَن (2) نشر في جريدة اليوم الخامس

by د.هبة اللكاوي / October 10th, 2016

تأملات في شموع المِحَن (2)

أحبائي..هل تذكرون تلك الشموع التي سبق وتحدثنا عنها في المقال السابق(تأملات في شموع المِحَن الجزء الأول) ؟!

إن لتلك الشموع تكملة...حتى يغمركم النور بكله...فتتجلى نفوسكم عن كل حزن يصيبها...وترتقي عن كل وجع اصاب عمدان الروح...

تذكروا أن مادام قلبكم ينبض بالحياة...فإن الله جعل فيكم القدرة لتتغلبوا على الألم..

الله كريم...لم يخلق بشرا كي يعذب

الله رحمن...ورحمته سبقت عذابه...إنظروا الى الله بعين الرحمة واللطف...فهو قادرا على أن يبدل أحوالكم من حال الى حال...وهو أرحم بكم من عباده

تعالوا معي..لنضيئ بقية الشموع...

الشمعة السادسة: صِل الله

أتقن الوصل بالله......إستغفر الله. وصل كثيرا..وادعوه في جوف الليل...الله كتب على نفسه أن ينجيك من الغم...مادمت قد دعوته..

(فاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ) سورة الأنبياء 88

كن في حديثك صدوقا..فأنت تكلم من يعلم بخفايا نفسك كلها...إستشعر اسم الله اللطيف!

الشمعة السابعة: عدد أنعم الله عليك

كم مرة توقفت عند تلك النعم التي انعم الله بها عليك؟...كم مرة تعاملت مع النعم..وكأنها شيئ عابر في حياتك؟

إن جهل النفس البشرية بحقيقة الدنيا احيانا...تجعلها تغفل عن انها دار إختبار في الأصل...إن الله ليس مطالبا أحبائي...بأن ينعم عليكم..فهو قد وعد بالجزاء والسعادة المطلقة في الأخرة...وأما عن سعادة الدنيا فهي لمن سعي !

إن الله يحبنا...ويريدنا أن ننجح في امتحانه...فهيئ لكل نفس قدرتها على تحمل الألم...ولم يكلفها الا وسعها..وأعطاها عدة أنعم ايضا...لكن العين دوما لا ترى إلا النواقص !

لاستشعار تلك النعم....حاول أن تأخذ جولات من الراحة..إمش في ربوع الطبيعة...في ساعتي الفجر والضحى...تتجلى الحقائق..فالبركة في البكور دوما.كما أخبرنا نبينا الكريم..أحضر ورقة وقلم..واكتب انعم الله عليك...

وإنثرها في كل مكان تصل اليه عيناك..حتى تذكر نفسك...فتشعر نفسك صغيرا أمام الله..وأنه مهما بلغت شدة المحنة..فإنها تنهار أمام كل تلك النعم...

الشمعة الثامنة: الانفاق

"لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبونـ" ، اجعل لك عادة دائمة...حينما تزلزلك المصيبة...أعط من اموالك حتى لو أنك في حاجة اليها ، أنت بذلك تعزز قناعة الرضا لديك أمام الله...والله قد كتب على نفسه ان يرزقك البر ما دمت تنفق!

إن الإنفاق...يجعلك متحررا من تعلقك بالفرح..يربي فيك قناعة التخلي عن الشهوات.فالمال من أكبر شهوات الأنسان...فتكون النتيجة أن تتعلق بالخالق دون المخلوقات أجمع ..

كنت قرأت في كتاب ذات مرة اسمه وجه لله...لمصطفى مستور..تفسيرا عن السبب في أن سيدنا موسى خلع نعليه قبل الدخول الى الواد المقدس...هل تعرفون لما؟..إنه تحرر لسيدنا موسى من الدنيا...فيدخل الى الله بقلبه وليس فيه الا سواه...

هكذا هو الانفاق..فيه من التسليم والتحرر ما يجعل قلبك مطمئنا...ومن الجزاء ما يجعل الله يعجل لك بالبشرى والخروج من المحن..

الشمعة التاسعة: تحرى الحلال في الرزق

عن تجربة شخصية جدا...كل ما شعرت بمحنة...أبحث في حلال مطعمي..هل أديت عملي كما يجب أن اكون اليوم؟

هل فعلا وصلت للاتقان؟...هل استشعرت مراقبة الله لي في كل ما اقوم به من أعمال مكلفة بها...فعجلت إليه ليرضى؟

إن حلال المطعم..من الأسباب الرئيسية في إجابة الدعاء..وكذلك حرامه.من أكبر أسباب جلب المصائب !

الشمعة العاشرة: تذكر بايجابية كيف خرجت من المحن السابقة

هل حدث معك ذات مرة...أن الكرب اشتد بك...وظننت يائسا أنها لن تفرج أبدا؟ ثم فوجئت بالله يرزقك من حيث لا تحتسب في لمح البصر...

ضع في عقلك هذا الاعتبار دوما...إن سواد الليل يعقبه فجر دائما...وكذلك ظلام حالك لن يدوم...

هل تعرف لما كانت كلمة العسر معرفة بأل في سورة الشرح. في حين ذكرت كلمة يسر نكرة؟ لقد قرأت تفسيرا يقول أن الله يريد أن يخبرنا...أن العسر مهما كانت قوته...فهو واحد فقط لن يدوم...وبعده يسر كثير...فهو نكرة..لكثرته وتعدده بعد العسر الذي أصابك !

الشمعة الحادية عشر: وعيك لمغزي الألم

كما طرحت عليكم تساؤلاتي أحبائي...في المقال السابق...وقد تفضلتم باجابات توحي بوعي كبير

إن الألم نعمة من الله...فكيف تدرك الفرح...وانت لم تستشعر الألم؟

وكيف تشعر بلذة الوصول..دون المرور بالأحزان والعقبات؟

وكيف تفوح منك الحكمة..والنضج في أكمل أحواله..وأنت لم تمر بمحنة قط؟

وكيف تستشعر حلاوة القرب من الله...وليس في قلبك كسرة...أو ضعف ما؟

إليك ذلك أيضا...سبحان من جعلك تمر بمحنة..فتحكي عنها...فتكون أنت رسالة الله الى عباده اليائسين..كما كنت أنت ذات يوم.. في قمة يأسك..وأرسل الله إليك من يشعرك أن الأمل في الله كبير

وتذكر تلك المقولة لمصطفى مستور تقول لكلّ منا كوّة نحو الله; تنفتح إن اغتمّ، وتتّسع رحابتها إن اشتدّ عليه الغم

الكوة..بمعناها المكني عنه...تعني روح وصالك بالله عز وجل!

الشمعة الثانية عشر والأخيرة : بر الوالدين..وبر الأخرين

قد جعلتها أخر شمعة ...ليس لعدم أهميتها...فهي مهمة جدا...لكن الشموع الأولى تخص تعاملك مع ذاتك..وتلك الشمعة تخص تعاملك مع الأخرين

"وبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًاعَصِيا" سورة مريم (14)

بر الوالدين..يفتح لك أفاق البركة والتوفيق..الأمومة والأبوة ليست هينة...مسئولية صعبة...فالله أوصانا بالبر بهم..لتخفيف الأحمال عليهم..هم يسعدون بكلمة شكر..او ابتسامة..أو ربما طبطبة على قلوبهم التي تشيب من أعباء التربية

ربما يضيق الواحد منا ذات يوم..بتسلط الأب أو الأم عليه...لكن إن فسرنا ذلك التسلط بمنطلق الحب...ستتعامل مع الأمور بشكل أكثر مرونة..وأكثر احتواء لرغباتهم دون أن تمس الحريات..ودون الإتيان على رغباتك أنت الشخصية ..

أما عن بر الأخرين...فلسنا في حاجة الى أن نذكر بأهمية المشي في حوائج الناس..فقد ذكرت بأيات وأحاديث عدة ولذلك اذا اردت الخروج من محنتك بسرعة...إجعل من نفسك سببا لخروج الأخرين من محنهم..

اذا رأيت أحدا ما في ضيق..وفي يدك أن تساعده..إمش هرولة في قضاء حاجته...سيكافئك الله من حيث لا تحتسب !

تمت الشموع...

ولنا في الحديث عمرا..مادامت تدب بنا الحياة !

مشاركة المقال:

الكتابات الأخيرة

ألبوم مصور عن نفسية وسلوكيات الشخص المذنب بقلمي وتصميمي
ألبوم مصور عن نفسية وسلوكيات الشخص المذنب بقلمي وتصميمي

by د.هبة اللكاوي / July 14th, 2022

المثلية الجنسية مرض ولا سلوك وأكلم ولادي عنها ازاي
المثلية الجنسية مرض ولا سلوك وأكلم ولادي عنها ازاي

by د.هبة اللكاوي / February 9th, 2022

حكاية طبق الشوربة
حكاية طبق الشوربة

by د.هبة اللكاوي / April 1st, 2021

حكاية البطاطس المهروسة بالبيض
حكاية البطاطس المهروسة بالبيض

by د.هبة اللكاوي / April 1st, 2021

وجه الدمية
وجه الدمية

by د.هبة اللكاوي / March 25th, 2021

تابعنا علي فيسبوك